دشّن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي كنيسة مار شربل في إهدن، التي تبرع بتكاليف تشييدها طوني حميد فرنجيه وعائلته، وذلك خلال قداس إحتفالي ترأسه الراعي وعاونه فيه النائب البطريركي على رعية إهدن زغرتا المطران جوزاف نفاع، والمطارنة: يوسف سويف، مارون العمار، سمير مظلوم وحنا علوان والمونسنيور اسطفان فرنجيه، بحضور حشد من الكهنة والرهبان والراهبات ورؤساء الاديرة.
حضر القداس وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال زياد المكاري، النائبان طوني فرنجيه وميشال الدويهي، ممثل رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوض المحامي ادوار طيون، الوزير السابق يوسف سعاده، النواب السابقون: اسطفان الدويهي، جواد بولس وقيصر معوض، نقيبة المحامين في طرابلس والشمال ماري تيريز القوال، رئيس اتحاد بلديات قضاء زغرتا زعني خير، رئيس بلدية اهدن زغرتا انطونيو فرنجيه، الرئيس الاقليمي للجامعة الثقافية في العالم ميشال الدويهي، عبدالله بو عبدالله ممثلاً هيئة التيار الوطني الحر في زغرتا، ميشال الغزال معوض ممثلاً حزب القوات اللبنانية، عضواً المكتب السياسي في تيار المرده فيرا يمين ورفلي دياب، رؤساء جمعيات وأندية وفاعليات ثقافية واقتصادية واجتماعية وبلدية واختيارية.
ا
بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة قال فيها: "أنت هو الصخرة، وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي" (متى 16: 18) على صخرة إيمان سمعان بن يونا بنى يسوع ربّنا كنيسته بعنصريها البشريّ والإلهي. فبشريا هي جماعة المؤمنين بالمسيح المعمّدين؛ وإلهيًّا هي بسرّ المسيح علامة الإتحاد العميق بالله، ووحدة كلّ الجنس البشريّ، وأداتهما (الدستور العقائدي في الكنيسة، 1؛ رجاء جديد للبنان، 19). الكنيسة ببعديها المنظور وغير المنظور كيان واحد، لا إثنان (رجاء جديد للبنان، 19)".
كما أضاف: "يسعدنا وسيادة أخينا المطران جوزف نفّاع نائبنا البطريركي العام على نيابة إهدن-زغرتا، أن نكرّس كنيسة مار شربل هذه ومذبحها على مدخل مدينة إهدن العريقة بإيمانها.
هذه الكنيسة هي بجمالها الداخلي والخارجي مع قاعتها الرعائية، علامة إيمان كبير من قبل مقدمها بكل ما تحتوي، عقارا ومجمعا، وهو عزيزنا السيد طوني حميد فرنجيّة وزوجته السيّدة فافي منصور يميّن.. فإيمانهما وحبّهما للمسيح ولصفيّه القدّيس شربل، حملاهما على هذه المبادرة العظيمة والسخيّة".
وتابع: "نحن من جهتنا نصلّي إلى الله كي يحقّق أمنياته وأمنيات زوجته وعائلته، وأن يفيض عليهم نعمه وبركاته بشفاعة القدّيس شربل. ونذكر بصلاتنا كلّ الذين خطّطوا وعملوا ونفّذوا وتعبوا وتابعوا وسهروا حتى هذا الإنجاز. كافأهم الله جميعهم من كنوز نعمه. ونودّ الإعراب عن تقديرنا للسيّد طوني فرنجيّة على وضع القاعة الرعائيّة على إسم حميّه المرحوم منصور يمّين الذي غاب عنكم إلى بيت الآب منذ حوالي السنة، وهو شقيق المرحوم الخوري أنطون يمّين".
أضاف: "انتمى القديس شربل إلى الرهبانية اللبنانيّة المارونيّة التي أسسها البطريرك المُكرّم اسطفان الدويهي في دير مورت مورا في اهدن سنة 1695 وقد حوّل الحياة النسكية الفردية الى حياة نسكية جماعيّة؛ ألبس البطريرك الدويهي الرهبان الأوائل الحلبيين الذين أسّسوا هذه الرهبنة الإسكيم الرهباني وهم: عبد الله القراعلي، وجبرائيل حوّا، ويوسف التبن، ثمّ إلتحق بهم جرمانوس فرحات. كان التأسيس في 10 تشرين الثاني سنة 1695 وسُميت الرهبنة الحلبية نسبة اليهم؛ ثبّت البطريرك الدويهي قوانين هذه الرهبنة سنة 1700 بمساعدة مطران اهدن جرجس عبيد بنيمين.وفي سنة 1770، انقسمت إلى إثنتين: الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة والرهبانيّة المارونيّة المريميّة".
وتابع: "القديس شربل الذي كان يزور خالَيه الناسكَين في دير مار انطونيوس قزحيا، زار ايضا المناسك التي توزّعت على ضفتي الوادي المقدس ومنها منسكة ودير مار يعقوب الاحباش ومنسكة مار ميخائيل ومنسكة مورت مورا وسواها. ها نحن اليوم، أيّها الإهدنيّون الأحبّاء، ننضمّ الى بطاركتكم التسعة واساقفتكم الستة والاربعين وكهنتكم الكثيرين ونسّاكِكُم الستة وعشرين ناسكًا، وناسكتَين، فنسير مع القديس شربل مخلوف في مسيرة تصاعدية غايتها القداسة . بنى اجدادكم في اهدن عبر التاريخ اثنتي عشرة كنيسة تحمل اسماء الشهداء، وخمس كنائس على اسم العذراء مريم، واربع كنائس على اسماء القديسين، واليوم تضيفون إليها كنيسة القديس شربل".
وأردف الراعي: "شبّه الربّ يسوع كنيسته بالمبنى الذي حجارته الحيّة هم المؤمنون بالمسيح على ما يقول بطرس الرسول (1 بطرس 2: 5)؛ هذا المبنى الحجريّ يحتوي على جميع وسائل الخلاص: على كلام الله الذي يُعلَّم ويُعلن ويُحتفَل به ليتورجيًّا، ويُعاش ثقافة وحضارة بين شعوب الأرض؛ وعلى ذبيحة الفداء لمغفرة خطايانا وخطايا جميع البشر؛ وعلى وليمة جسد الربّ ودمه لحياة العالم. لهذا تسمّى الكنيسة "بيت الله". فيها نعبده ونكرّم السيّدة العذراء، والدة الإله والقدّيسين. هذه الكنيسة الموضوعة تحت شفاعة القدّيس شربل هي التي نكرّسها في هذا الإحتفال المهيب مع مذبحها".
وتابع: "لكنّ الكنيسة التي يريدها الله في النهاية هي الكنيسة البشريّة التي تؤلّف جسد المسيح السرّي. رأس هذا الجسد هو المسيح، وروحه الروح القدس، وأعضاؤه هم المؤمنون، شريعته المحبّة والحقيقة، وغايته بناء ملكوت الله على أرضنا، أي الإتحاد العاموديّ مع الله، والوحدة الأفقيّة مع جميع الناس. فبتكريسنا الآن كنيسة مار شربل الحجريّة بالميرون، نحن مدعوّون لنفتح قلوبنا ونفوسنا لتكريسها هيكلًا لله، نجدّد به تكريسنا الأوّل بزيت المعموديّة والميرون. فلينعكس جمال كنيسة مار شربل هذه في جمال نفوسنا وقلوبنا، وجماعاتنا المؤمنة التي تلتئم كلّ يوم أحد، يوم الربّ، لتؤلّف جسد المسيح، وقد اعتاد الأباء القدّيسون على تحريض المؤمنين بعدم تمزيق جسد المسيح بغيابهم".
أضاف: "الكنيسة بعنصرها البشريّ مجتمع منظّم فيه سلطة وقانون لا يعلو عليهما أحد من رأس الكنيسة الحبر الأعظم بابا روما إلى آخر مؤمن معمّد. وبذلك هي صورة للدولة ونموذج. ل
كنّنا في لبنان تُهدم السلطة بعدم انتخاب رئيس للجمهوريّة، على الرغم من وجود مرشّحين إثنين أساسيّين ظهرا في آخر جلسة انتخابيّة. ولسنا نفهم إلى الآن لماذا تمّ تعطيل الدورة التالية الدستوريّة، ولماذا لم يعد يدعى المجلس النيابيّ إلى إكمال دوراته، فيما المؤسّسات العامّة تتساقط الواحدة تلو الأخرى، والشعب يزداد فقرًا وقهرًا، وتدبّ الفوضى وتكثر الرؤوس، والأزمة الماليّة والإقتصاديّة والتجاريّة تتفاقم".
وتساءل: "لمصلحة من تحتجز رئاسة الجمهوريّة عندنا رهينة؟ ومن يحرّرها؟ ومن له السلطان على بتر رأس الدولة؟ أين الدستور وأين القانون، وأين العدالة؟ بالنسبة إلينا، فإنّا ندين ونشجب كلّ هذا الإداء والتعطيل والتطاول على الدستور والقانون، والدولة واللعب بمصيرها ومصير شعبها".
وختم: "إيماننا على مثال إيمان بطرس وإيمان القدّيس شربل، صامد في كلّ ما هو حقّ وعدل. لا نشكّ ولو للحظة في أنّ المسيح الربّ هو سيّد التاريخ، لا البشر مهما علوا واستعلوا. وحده يسوع السيد يصل بنا إلى الغلبة. له المجد مع الآب والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".
بعد العظة قام البطريرك الماروني بتكريس المذبح ودهنه بالميرون المقدس، وسط قرع الاجراس.
وبعد القداس ازيحت الستارة عن نصب للقديس شربل عند المستديرة الجديدة قرب الكنيسة.